responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 10  صفحه : 132
عَلَى الثَّوَابِ وَالْأَجْرِ، وَالصِّرَاطُ الَّذِي هُوَ الطَّرِيقُ مِنْ عَرْصَةِ الْقِيَامَةِ إِلَى الْجَنَّةِ إِنَّمَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ بَعْدَ اسْتِحْقَاقِ الْأَجْرِ، فَكَانَ حَمْلُ لَفْظِ الصِّرَاطِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى أولى.

[سورة النساء (4) : الآيات 69 الى 70]
وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً (69) ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفى بِاللَّهِ عَلِيماً (70)
اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا أَمَرَ بِطَاعَةِ اللَّه وَطَاعَةِ الرَّسُولِ بِقَوْلِهِ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ [النساء: 59] ثُمَّ زَيَّفَ طَرِيقَةَ الَّذِينَ تَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَصَدُّوا عَنِ الرَّسُولِ، ثُمَّ أَعَادَ الْأَمْرَ بِطَاعَةِ الرَّسُولِ مَرَّةً أُخْرَى فَقَالَ: وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ [النساء: 64] ثُمَّ رَغَّبَ فِي تِلْكَ الطَّاعَةِ بِقَوْلِهِ: لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً وَإِذاً لَآتَيْناهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْراً عَظِيماً وَلَهَدَيْناهُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً [النساء: 66- 68] أَكَّدَ الْأَمْرَ بِطَاعَةِ اللَّه وَطَاعَةِ الرَّسُولِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مَرَّةً أُخْرَى فَقَالَ: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ/ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ وهاهنا مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: ذَكَرُوا فِي سَبَبِ النُّزُولِ وُجُوهًا: الْأَوَّلُ:
رَوَى جَمْعٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ شَدِيدَ الْحُبِّ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَلِيلَ الصَّبْرِ عَنْهُ، فَأَتَاهُ يَوْمًا وَقَدْ تَغَيَّرَ وَجْهُهُ وَنُحِلَ جِسْمُهُ وَعُرِفَ الْحُزْنُ فِي وَجْهِهِ، فَسَأَلَهُ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ حَالِهِ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّه مَا بِي وَجَعٌ غَيْرَ أَنِّي إِذَا لَمْ أَرَكَ اشْتَقْتُ إِلَيْكَ وَاسْتَوْحَشْتُ وَحْشَةً شَدِيدَةً حَتَّى أَلْقَاكَ، فَذَكَرْتُ الْآخِرَةَ فَخِفْتُ أَنْ لَا أَرَاكَ هُنَاكَ، لِأَنِّي إِنْ أُدْخِلْتُ الْجَنَّةَ فَأَنْتَ تَكُونُ فِي دَرَجَاتِ النَّبِيِّينَ وَأَنَا فِي دَرَجَةِ الْعَبِيدِ فَلَا أَرَاكَ، وَإِنْ أَنَا لَمْ أَدْخُلِ الْجَنَّةَ فَحِينَئِذٍ لَا أَرَاكَ أَبَدًا، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ:
الثَّانِي: قَالَ السُّدِّيُّ: إِنَّ نَاسًا مِنَ الْأَنْصَارِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّه إِنَّكَ تَسْكُنُ الْجَنَّةَ فِي أَعْلَاهَا، وَنَحْنُ نَشْتَاقُ إِلَيْكَ، فَكَيْفَ نَصْنَعُ؟ فَنَزَلَتِ الْآيَةُ. الثَّالِثُ:
قَالَ مُقَاتِلٌ: نَزَلَتْ فِي رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا رَسُولَ اللَّه إِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ إِلَى أَهَالِينَا اشْتَقْنَا إِلَيْكَ، فَمَا يَنْفَعُنَا شَيْءٌ حَتَّى نَرْجِعَ إِلَيْكَ، ثُمَّ ذَكَرْتُ دَرَجَتَكَ فِي الْجَنَّةِ، فَكَيْفَ لَنَا بِرُؤْيَتِكَ إِنْ دَخَلْنَا الْجَنَّةَ؟ فَأَنْزَلَ اللَّه هَذِهِ الْآيَةَ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى الْأَنْصَارُ وَلَدَهُ وَهُوَ فِي حَدِيقَةٍ لَهُ فَأَخْبَرَهُ بِمَوْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: اللَّهُمَّ أَعْمِنِي حَتَّى لَا أَرَى شَيْئًا بَعْدَهُ إِلَى أَنْ أَلْقَاهُ، فَعَمِيَ مَكَانَهُ، فَكَانَ يُحِبُّ النَّبِيَّ حُبًّا شَدِيدًا فَجَعَلَهُ اللَّه مَعَهُ فِي الْجَنَّةِ.
الرَّابِعُ:
قَالَ الْحَسَنُ: إِنَّ الْمُؤْمِنِينَ قَالُوا لِلنَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: مَا لَنَا مِنْكَ إِلَّا الدُّنْيَا، فَإِذَا كَانَتِ الْآخِرَةُ رُفِعْتَ فِي الْأُولَى فَحَزِنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَزِنُوا، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ.
قَالَ الْمُحَقِّقُونَ: لَا نُنْكِرُ صِحَّةَ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ إِلَّا أَنَّ سَبَبَ نُزُولِ الْآيَةِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ شَيْئًا أَعْظَمَ مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ الْبَعْثُ عَلَى الطَّاعَةِ وَالتَّرْغِيبُ فِيهَا، فَإِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّ خُصُوصَ السَّبَبِ لَا يَقْدَحُ فِي عُمُومِ اللَّفْظِ، فَهَذِهِ الْآيَةُ عَامَّةٌ فِي حَقِّ جَمِيعِ الْمُكَلَّفِينَ، وَهُوَ أَنَّ كُلَّ مَنْ أَطَاعَ اللَّه وَأَطَاعَ الرَّسُولَ فَقَدْ فَازَ بِالدَّرَجَاتِ الْعَالِيَةِ وَالْمَرَاتِبِ الشَّرِيفَةِ عِنْدَ اللَّه تَعَالَى.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ يُوجِبُ الِاكْتِفَاءَ بِالطَّاعَةِ الْوَاحِدَةِ. لِأَنَّ اللَّفْظَ الدَّالَّ عَلَى الصِّفَةِ يَكْفِي فِي الْعَمَلِ بِهِ فِي جَانِبِ الثُّبُوتِ حُصُولُ ذَلِكَ الْمُسَمَّى مَرَّةً وَاحِدَةً. قَالَ الْقَاضِي: لَا بُدَّ مِنْ حَمْلِ هَذَا عَلَى غَيْرِ ظَاهِرِهِ، وَأَنْ تُحْمَلَ الطَّاعَةُ عَلَى فِعْلِ الْمَأْمُورَاتِ وَتَرْكِ جَمِيعِ الْمَنْهِيَّاتِ، إِذْ لَوْ حَمَلْنَاهُ عَلَى الطَّاعَةِ الْوَاحِدَةِ لَدَخَلَ فِيهِ الْفُسَّاقُ وَالْكُفَّارُ، لِأَنَّهُمْ قَدْ يَأْتُونَ بِالطَّاعَةِ الْوَاحِدَةِ. وَعِنْدِي فِيهِ وَجْهٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنَّهُ ثَبَتَ فِي

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 10  صفحه : 132
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست